مالي على حافة الانهيار

 

مالي اليوم بلد يتألم بصمت، كأنها تمشي على طريق لا نهاية له. بعد انقلاب 2020، سيطر العسكر على الحكم، وأغلقوا الأبواب أمام السياسة والكلمة الحرة. رفعوا شعار الأمن، لكن ما جاء مع حكمهم إلا الخوف والفوضى. استعانوا بالروس ومرتزقة فاغنر، ومع ذلك لم تهدأ البلاد، بل زادت نارها اشتعالاً.

في القرى والبوادي، لم تعد الدولة موجودة، بل الجماعات المسلحة هي التي تفرض قوانينها. القاعدة وماسينا وداعش تتقاسم الأرض والذهب، وتقترب يوماً بعد يوم من العاصمة باماكو، حتى أصبحت المدينة تحت حصار غير معلن، والناس يعيشون قلقاً دائماً من سقوطها في أي لحظة.

في الشمال بإقليم أزواد، عاد صوت أزواد من جديد. الحركات هناك اتحدت في جبهة واحدة تحمل اسم "جبهة تحرير أزواد"(FLA)، لتقول للعالم إن الصبر نفد، وإن الاتفاقات التي مزقها العسكر لم تترك خياراً سوى الدفاع عن الأرض والكرامة. 

اليوم يسيطر الأزواديون على مناطق واسعة، ويؤكدون أن مشروعهم ليس حرباً، بل حق في تقرير المصير بعد سنوات من الوعود الكاذبة.

أما الإمام "محمود ديكو"، الذي كان ضمير الشعب في مالي، فهو الآن في المنفى بالجزائر. ورغم بعده، لا يزال صوته حاضراً في قلوب الماليين، لأنهم يرون فيه الأمل الأخير في عودة الحكم المدني وإنقاذ البلاد من حكم القوة والسلاح.

الذهب وثروات البلاد التي كان يفترض أن تكون نعمة للشعب، تحول إلى نقمة. الجميع يتقاتلون حوله: العسكر، المرتزقة، والجماعات. ثروة كبيرة تضيع، وشعب فقير يعيش بلا أمان ولا خدمات ولا مستقبل.

مالي اليوم تعيش أخطر لحظاتها، والعاصمة نفسها على وشك السقوط تحت أنف العسكر. كل شيء يشير إلى أن البلاد تقترب من النهاية، إلا إذا ظهر صوت عاقل يعيدها إلى طريق السلام قبل فوات الأوان.


بقلم: عبدالجليل الأنصاري

أحدث أقدم

نموذج الاتصال