خلال وجودي في مخيم امبره للاجئين الأزواديين بمقاطعة باسكنو في الحوض الشرقي الموريتاني قرب الحدود مع مالي تشرفت بزيارة معايدة للفنان الطوارقي القدير امنو اغ أسا الذي يعد معلمة وذاكرة فنية على مدار خمسة عقود كان فيها رمزا فنيا ومسيقار طربت أجيال من الطوارق بفنه وعزفه على ٱلة تهردنت منذ منتصف الستينيات ويعد شخصية إعتبارية طوارقية بفضل رمزيته الفنية .
ولد امنو اغ أسا عام 1945 لأسرة بعضها يمتهن الفن الموسيقي" ٱلة تهردنت والغناء" وبعضها أختار مهن تقليدية " صناعة السيوف والخناجر والرماح وسرج الخيول" وقد أبدع منذ طفولته في عزف ٱلة تهردنت وكان من نجوم الأغنية الطوارقية طوال عقود السبعينات والثمانينات و التسعينات وكان برفقة بعض فناني جيله أمثال الراحلين اخني وخاما اغ اكوكا أيقونات الغناء و الموسيقى الطوارقية وشارك في العديد من المهرجانات الدولية مع مجموعات من الفنانين الشباب بصفته عميد الفن الطوارقي .
ناضل الفنان القدير امنو اغ أسا من أجل الحفاظ على ٱلة تهردنت والأغنية الشعبية الأصيلة وحمايتها من الإندثار بسبب ميل بعض ابناء الجيل الجديد لألة الگيتار التي يعتبرونها من مظاهر العصرنة الموسيقية و قد استطاع جعل الفن الموسيقي الطوارقي الأصيل الذي تمثله ٱلة تهردنت رقم صعب ومطلوب في المهرجانات الدولية.
عرفت الفنان القدير امنو اغ أسا عن قرب منذ عام 1992 و قد جعلني قريب منه ببساطته ورغبته في تسويق الفن الموسيقي الطوارقي الأصيل تهردنت للأجيال الشابة و كان يشرح تاريخ تهردنت منذ الفنان المؤسس لهذه الموسيقى الصحراوية بوي اغ بشاشا و مراحل تطورها الى جيله ودور الفن في الحياة الاجتماعية والسياسية للمجتمع الطوارقي قديما وحديثا فقد كان عازف تهردنت يلعب أدوار متعددة منها الطرب ونشر الحماس ورفع الروح المعنوية للمقاتلين زمن الحروب ومقاومة الإستعمار و كذلك الحكواتي الذي يسرد قصص البطولات والتاريخ الشفهي .
يعاني الفنان القدير امنو اغ أسا عزلة منذ سنوات بسبب وضعه الصحي ولم يعد قادر على الكلام لكنه يعرف زواره جيدا ويخاطبهم بلغة الاشارة وقد عبر عن فرحه بزيارتنا له.
بقلم : أبوبكر الأنصاري